تتفق غالبية الاراء في تونس حول التصحر الذي عرفتهُ البلاد على جميع النواحي السياسية، الثقافية و المدنية في عهد ما قبل الثورة، وضع أوصل الجميع إلى حالة من الأحباط و القنوط القاتل، الذي جعل اليأس يستبد بالجميع، يأس كنا نظنهُ مشروعًا، أو على الأقل شرعهُ لنا صمت ما يسمى "النخبة المُثقفة في تونس"، التي يُلقى على عاتقها نظريًا الإصلاح. ظننا أن إستقالة النخبة هو دليل على أن حالتنا ميؤس منها، و أنهُ لا يمكننا إلا الرضوخ لقضائنا و قدرنا المحتوم.
لئن يمكن أن نتفهم حالة الرضوخ و التسليم التي كان يعيشها عامة الشعب التونسي، نتيجة أساليب القهر المُختلفة التي كانت تمارس عليه، فإن لنا الكثير من العتب على مجموعات كبيرة من مُثقفينا، التي شرعت لنفسها و لازالت تشرع الوقوف على الربوة، بتعلات واهية، و حتى تلك التي تواضعت و نزلت لمُخاطبتنا، خاطبتنا على أساس أننا مجموعة من القاصرين، أو من الشباب المُندفعين المُفتقدين لخبرتهم الطويلة، فالوضع يقتضي الرصانة لا التسرع، و بإسم الرصانة و عدم التسرع حكمنا ديكتاتور أو ديكتاتورة من أقذر ما يكون طيلة 23 سنة.
إن عتبنا على مجموعة كبيرة من نخبتنا لا يتأتى فقط من الدور الذي لعبتهُ قبل الثورة، دور سلبي أكتفى بالصمت في أحسن الأحوال أو إجترار نضالات الماضي، بل كذلك بدورها بعد الثورة، فقد كنا ننتظر ثورة عارمة في صفوف هؤلاء بعد أن تمكن الشعب من كسر القيود التي كانت تكبلهم، فما كان منهم إلا أن عدلوا جلستهم، إما خوفًا على كراسيهم و إما بحثًا عن كراسي جديدة، فالثورة لم تحرك أقلام هؤلاء بقدر ما حركت أحلامهم التسلقية
لئن يمكن أن نتفهم حالة الرضوخ و التسليم التي كان يعيشها عامة الشعب التونسي، نتيجة أساليب القهر المُختلفة التي كانت تمارس عليه، فإن لنا الكثير من العتب على مجموعات كبيرة من مُثقفينا، التي شرعت لنفسها و لازالت تشرع الوقوف على الربوة، بتعلات واهية، و حتى تلك التي تواضعت و نزلت لمُخاطبتنا، خاطبتنا على أساس أننا مجموعة من القاصرين، أو من الشباب المُندفعين المُفتقدين لخبرتهم الطويلة، فالوضع يقتضي الرصانة لا التسرع، و بإسم الرصانة و عدم التسرع حكمنا ديكتاتور أو ديكتاتورة من أقذر ما يكون طيلة 23 سنة.
إن عتبنا على مجموعة كبيرة من نخبتنا لا يتأتى فقط من الدور الذي لعبتهُ قبل الثورة، دور سلبي أكتفى بالصمت في أحسن الأحوال أو إجترار نضالات الماضي، بل كذلك بدورها بعد الثورة، فقد كنا ننتظر ثورة عارمة في صفوف هؤلاء بعد أن تمكن الشعب من كسر القيود التي كانت تكبلهم، فما كان منهم إلا أن عدلوا جلستهم، إما خوفًا على كراسيهم و إما بحثًا عن كراسي جديدة، فالثورة لم تحرك أقلام هؤلاء بقدر ما حركت أحلامهم التسلقية
من جهة أخرى يلاحظ أن خطاب بعض النُخب التي كان لها من التواضع أن نزلت ضيفة على بعض البرامج التلفزيونية، قائم على ما يمكن تسميتهُ "بفكر الفزاعة"، أي أنهُ فكر قائم على التخويف، تخويف من ما يسمونها الفوضى، و لا أعرف ما هو تعريفهم للفوضى، إذ أن ما عشناهُ و ما نعيشهُ اليوم هو الفوضى بعينها، أو التخويف من "الغرق في الرومنسية الثورية"، و بالتأكيد التخويف من "الخوانحية"، و هم المجموعة التي حازت على أكبر قدر من هذا الخطاب
أن هذا التفكير القائم على التخويف ليس بتفكير بقدر ما هو تأكيد على حالة الأزمة الفكرية، التي تعيشُها العديد من النخب في تونس، فحسب رأيي ليس من دور المُثقف أن يخوف، و هنا الفرق واضح بين "التخويف" القائم على ذكر بعض الأحداث و التحليلات السطحية و "النقد" المبني على تفكير يحلل خطابات و كتابات الفكر المُقابل، في سجال فكري ينقُد و يطرح البديل
إن العتاب الذي نحملهُ على مجموعة هامة من النخبة المُثقفة في تونس هو وليد خيبات مُتتالية، و لإيماننا بأهمية دور المُثقف في المجتمع عمومًا و في الظروف الحاضرة خصوصًا، فالثورة لا يجب و لا يمكن أن تكون يتيمة فكريًا، الثورة في حاجة إلى مُفكرين كما هي في حاجة إلى قياديين سياسيين، الثورة لن تكتمل بدون رافد ثقافي يرتقي بها من الهبة الشعبية الغير مُنظمة، إلى مشروع سياسي و فكري واضح المعالم
على كل مواطن، كما على النخبة أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية اليوم، أن تشارك في بناء مُستقبل البلاد، أن لا تبني أطروحاتها على التخويف، بل على النقد و تقديم مشاريع فكرية بديلة، أن تنزل من هضبتها العالية في الأحياء الراقية إلى شارع الحبيب بورقيبة لمُخاطبة المواطنين، لا للسؤال عن أوراق اللجوء في السفارة الفرنسية
2011/02/11
الكيخوتي
0 comments:
Enregistrer un commentaire