• اخر الاخبار

    قبل تسعة أشهر من اليوم كُنت أحلمُ بتونس حرة



    لم تمضي فترة طويلة، لكنهم لا يذكرون، يقولون أن النسيان من أهم أسباب تواصل البشرية. أنا لا ألوم أحدًا أن لم يعد يذكُر خصوصًا في ظل أزمة الماء و الحليب و غلاء الأسعار، و جبال الأجر الأحمر التي احتلت المشهد العام و أشياء عديدة رُبما تكون أهم و أكثر واقعية.

     اليوم 14 أكتوبر 2011، و قبل اليوم بتسعة أشهر كان هُناك ما يُسمى 14 جانفي 2011، يومٌ أراد فيه الشعب الحياة فأستجاب القدر، في ذلك اليوم خرجتُ مع صديقي مهدي الذي أظن أنهُ مازال يذكُر، -أ ليس كذلك يا مهدي لا تقل لي أنك كذلك لم تعد تذكر؟- تقودنا إرادة وحيدة هي إرادة الحياة و الطوق إلى الحرية.

     كان يومًا طالما انتظرته، و حلمتُ به على استحياء، رُبما لن ينتابني ذلك الشعور بعد اليوم، أن تشعر بكل صدق أنك لو مُت في تلك اللحظة و أنت تصيح مباشرةً أمام وزارة الداخلية "تونس حُرة" ستموتُ سعيدًا.

     نحمد الله و الحظ الذي أعادنا إلى ديارنا سالمين، في بعض الأحيان أنظرُ إلى مشاعري يومها بطريقة كاريكاتورية، خصوصًا عندما أقفُ على ما آلت إليه الأمور، الأنانية و الانتهازية و الفوضى و الغباء الكافر، و أشياء لا مُسميات لها، هل من أجل هذا كنتُ مُستعدًا أن أدفع حياتي؟ ربما أشعرُ اليوم أكثر بمأساة جرحى الثورة، ماذا يا تُراهم يفكرون عندما يرون أنهم صاروا مُقعدين من أجل أن يستولي جارهم التجمعي السابق على قارعة الطريق؟ و عائلات الشهداء، خصوصًا تلك الأم التي قالت خلال الثورة بعد أن فقدت أحد أبنائها أنها مُستعدة لتقديم الثلاثة الباقين ماذا يا تُراهم يفكرون؟.

     أنا لا ألومُ أحدًا إن لم يعُد يذكر شعارات الثورة، كذلك لا ألومُ الراكبين عليها إذا تمكنوا من الركوب، خرجنا نطالبُ بالحرية و بالعدالة و بالتشغيل، هذا ما سمعتهُ من يوم 17 ديسمبر إلى يوم 14 جانفي، أين كان بيت أبو القاسم الشابي "إذا الشعبُ يومًا أراد الحياة فلا بُد أن يستجيب القدر" يخرجُ من الأفواه مزلزلاً عرش الديكتاتورية، هذا البيت الذي أصبح بعد تسعة أشهر فقط محل خلاف و تحليل و تكفير، أه كيف وصلنا إلى هنا؟ و كيف عُدنا نصف قرنٍ إلى الوراء إن لم يكن أكثر؟

     قبل تسعة أشهر من اليوم كُنت أحلمُ بتونس حرة ، و مازلتُ أحلُم، رغم لحظات اليأس و الغضب، و السحاب الأسودُ الذي يتكاثف في بعض الأحيان، رغم ذاكرتنا القصيرة و الانتقائية، مازلتُ أعتقدُ أن شمس الحرية أقوى من جميع الظلمات، أن المُستقبل لنا، و أن على هذه الأرض ما يستحقُ الحياة كما يقول محمود درويش

    2011/10/11
    الكيخوتي
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    2 comments:

    Item Reviewed: قبل تسعة أشهر من اليوم كُنت أحلمُ بتونس حرة Rating: 5 Reviewed By: @HosQuijote_الكيخوتي
    إلى الأعلى