• اخر الاخبار

    رأي في الخارطة الحزبية التونسية

    الحزب"، "أحزاب" كلمات أصبحنا نسمعها كثيرًا اليوم، ففي حين كانت كلمة "الحزب" تُشير في السابق إلى الحزب الحاكم المُنحل، فأن هذه الكلمة أصبحت تُشير اليوم إلى تشكيلات سياسية مُتنوعة، بلغت على ما أظن عتبة الثمانين حزبًا أو أكثر، أحزاب لن يقدر التونسي على حفظ أسمائها مهما كان اهتمامه بالشأن السياسي.

    لكن و في ظل تنوع الأحزاب و تعددها، و نظرًا لغياب العمق التاريخي لغالبية هذه الأحزاب أن لم نقل كُلها، بمعنى الممارسة العلنية و الحُرة، هل تستجيب هذه الأحزاب إلى تطلعاتنا؟

    يبدو لي  أن طريق أحزابنا السياسية لا يزال طويلاً، فبعض الأحزاب لازالت غير قادرة على التفريق بين السياسة و الدين، بين النشاط الدعوي و النشاط الحزبي، فيُلح عليك في اجتماعاتها صوت هامس هل أنت في خطبة جمعة أم في اجتماع عام. توجه هذا الحزب و منهجهُ في الوصول إلى السُلطة رُبما لا يختلف كثيرًا مثلاً مع الدعوة العباسية في خلط الديني بالسياسي، هو حزب بجعل الانتصار إليه انتصار إلى منهج الحق بعد أن أنتشر الفساد في ظل الدولة السابقة. لنُعاود من هُنا طرح سؤال: حزب سياسي ذو توجه إسلامي أم حزب إسلامي ذو توجه سياسي؟

    في حين أن حزب أخر، و هو الحزب الذي كان يمكن أن يكون أبرز المُرشحين، أظهر قدر كبير من ضيق الرؤية الإستراتجية، بل و رُبما فعل كُل شيء كي يفقد شعبيتهُ، و هو حزب من جملة "الأحزاب الوريثة" بمعنى الساعية إلى إثبات أحقيتها بكُرسي الحزب المُنحل، و هذا التوجه الحزبي يرى أن وظيفة الحزب تتلخص في الوصول إلى السُلطة.

    أما بقية الأحزاب فهي أما في وضع الصامت بالقوة أو بالفعل، أو المُشكك في كل شيء، حتى في أن الأرض كروية، أو ما يمكن تسميتها "بأحزاب الأزمات" التي لا تُطل علينا إلا في كل أزمة لتسأل سؤال نعرفهُ جميعًا: أين الحكومة؟ كذلك نجد الأحزاب الغارقة في الإيديولوجية حد الانفصام مع الواقع، الذي يجعل قاعدتها البيانية غير مُحينة، و رُبما تعود إلى ستينات و سبعينات القرن الماضي، كما أن هذه الأحزاب في حاجة إلى تحديد ولائها أما للوطن أو إلى الإيديولوجيات.

    إن ما يمكن أن نخرج به من خلال هذا العرض البسيط جدًا للخارطة الحزبية في تونس، هو عدم استجابة هذه الأحزاب للتطلعات، فنحن (و نحن هنا تعود على من يوافقني الرأي) لا نُريد أحزابًا تُخاطبُ مشاعرنا الدينية، بل نُريد أحزاباً تُخاطب عقولنا، نُريد حزبًا ذو صلاحيات دنيوية فقط لا صلاحيات رُهبانية، نُريد أحزابًا تجعلنا محورًا لعملها لا وسيلةً لبلوغ كُرسي الحُكم، نُريد أحزاباً تُقدم الحلول و البدائل و تكون شريكةً في بناء الوطن، نُريدُ أحزاباً كما هي قادرة على الهدم و على تحطيم هيكل الديكتاتورية أن تكون قادرة كذلك على بناء سرح الديمقراطية، نُريدُ أحزاباً ولائها الأول للوطن لا للأيديولوجيا

    2011/07/11
    الكيخوتي
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    Enregistrer un commentaire

    Item Reviewed: رأي في الخارطة الحزبية التونسية Rating: 5 Reviewed By: @HosQuijote_الكيخوتي
    إلى الأعلى