• اخر الاخبار

    من الشاي إلى الأتاي العادة والتاريخ

    براهيم أمكراز
    كتاب للأستاذ: عبد الأحد السبتي و عبد الرحمان لخصاصي
    تقديم الكتاب:
    الكتاب الذي هو موضوع هذه القراءة المتواضعة، للأستاذين عبد الأحد السبتي و عبد الرحمان لخصاصي، كتاب صدر ضمن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط، سلسلة بحوث ودراسات رقم25، مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء- سنة 1999، الطبعة الأولى.
    عنوان الكتاب هو: من الشاي إلى الأتاي- العادة والتاريخ-.
    ويقع كتاب من الشاي إلى الأتاي في 485 صفحة، مكونة من فهرس للمحتويات وتشكرات، ثم تنبيهات واختزالات في شكل دليل للقارئ، يتعقبها تقديم غير موقع مما يوحي إلى كونه كذلك يدخل ضمن مجهود المؤلفان، ويتناول الكتاب موضوع من الشاي إلى الأتاي عبر مقدمة وأربعة أقسام يمكن اعتبار أولها بمثابة العمود الفقري للكتاب، ويضم الكتاب عدة ملاحق غنية وبيبليوغرافيا وفهارس متنوعة.
    وتجدر الإشارة إلى كون الكتاب ثمرة جهد متواصل للأستاذين على مر تسع سنوات منذ إحدى الجلسات الصباحية في خريف 1990 في إحدى مقاهي الرباط.
    الإشكاليات:
    يطرح كتاب من الشاي إلى الأتاي إشكاليات عدة، مما يجعل من تفكيك بعضها حلا أو على الأقل طريقا لحل البعض الأخر الأكثر تعقيدا، إلا أننا نجد أن الإشكالية الرئيسية للدراسة هي إشكالية جد مركبة، إذ لا يمكن اعتبار إشكالية الإنتقال من الشاي إلى الأتاي أو العادة والتاريخ هي الإشكالية الرئيسية، بقدر ما يمكن القول في رأيي المتواضع أن إشكالية الكتاب إشكالية مركبة وذات عناصر متعددة.
    تعتبر جدلية العلاقة بين الثقافة العالمة والثقافة الشعبية، الإشكالية الأساس التي إنطلق منها المؤلفان نقاشهما، على اعتبار أن التمييز بينهما كثقافة عليا وثقافة دنيا، يعبر عن تصورين متعارضين على أساس الموقع الاجتماعي، وفي خضم هذا النقاش يصطدم الباحثان بظاهرة الانتقال الثقافي بين الثقافتين، أي أن هنالك انتقال قيم وعادات من الثقافة العالمة نحو الثقافة الشعبية، وبالتالي تغذي المأثور الشعبي بالثقافة العالمة.
    ولتدارس هذه الفرضية ارتأى المؤلفان تناول عادة شرب الشاي للوقوف عن حيثيات التأثير والتأثر من فئة اجتماعية محرومة وأخرى ميسورة ومسيطرة.
    وعن هذه الإشكالية الرئيسية المركبة تتفرع إشكاليات أخرى ثانوية ومساعدة في التفكيك:
    - طرق استيعاب النخبة لقيم العامة.
    - قنوات التواصل بين النخبة والفئات الشعبية.
    - مكانة الذاكرة الشفوية في التدوين التاريخي.
    -الثوابت والبنيات الاجتماعية من خلال الشاي.
    -الشاي من رمز العناية والتشريف إلى وضعية المشروب العادي.
    منهجية الدراسة:
    الكتاب محاولة جادة للتوفيق بين التناول التاريخي والتناول الثقافي والأدبي، لإحدى المظاهر التي تجسد طبيعة العلاقة بين الثقافة العالمة والثقافة الشعبية، في شكل دراسة تمهيدية تفتح مجالات جديدة للبحث والدراسة، قام بها المؤلفان باستخدام المقاربة المقارنة، عبر ترسانة من النصوص والوثائق الوطنية والأجنبية، لمؤرخين ورحالة وجغرافيين، ترصد تتطور ظاهرة/عادة تناول الشاي لدى فئتين مختلفتين من حيث الموقع الاجتماعي داخل الوطن الواحد.
    التحليل:
    يتطرق الكتاب بداية لموضوع ظهور الشاي والصعوبات التي لقيها قصد التغلغل في البلاد المغربية، وما صاحب ذلك من مواقف متقاطعة بين التحلية والحرمة من المنظور الفقهي، وكذا عن مضار ومنافع الإقبال على تناول هذه المادة، مذكرين بإيحاءات ذكر كلمة الشاي لدى المغاربة إلى فضاء الأسرة والحميمية والصداقة وكرم الضيافة، وما يحمله من مضامين روحية ودينية، وكذا ارتباط تناول الشاي في مراحل ظهوره الأولى بالرجال دون النساء وتصنيفه كمشروب رجولي، في إيحاء إلى تقسيم الغذاء وفق التقسيم الجنسي للعمل.
    وبدأ الاحتفاء بالشاي في المجال الفني على خشبات المسرح بالمغرب قبل أن تنتقل إلى أوتار العود والبانجو مع مجموعات رائدة في مجال الأغنية المغربية، كما هو الحال مع قصائد مجموعات ناس الغيوان، إزنزارن،إبركاك.. وآخرون.
    ولم يكن الأتاي بعيدا عن الساحة السياسية الوطنية والدولية بل كان عنصرا في إحدى لحظات التاريخ، عنصرا مؤثرا في التحولات الدولية الكبرى ولعب أدوارا رائدة في موجات الاستعمار العالمية.
    وبحضور الشاي في مجالس الحكام والساسة، "كأناس غير عاديين" وعلى اعتبار أن إنتاج الطقوس والرموز تنطلق من بين أيدي السلطان، فقد كان للمخزن المركزي دور كبير في تغلغل الشاي في المدن والقرى و المداشر المغربية، وبالتالي التأسيس لاستهلاك الشاي، الدور الذي لم تنتظر السيادة المغربية طويلا كي تؤدي ثمنه الباهض، وهنا المفارقة الغريبة التي يتحول معها الشاي إلى عنصر أساسي في دخول الإستعمار بالمغرب وبالتالي خلق عادة مثيرة ، إلا أن سلاح الشاي لم يكن فقط حكرا على القوى الاستعمارية في جميع المستويات، بل كان كذلك الشاي في مستويات أخرى مخالفة، سلاحا للسلطان يخضع به القبائل.
    ولقد أحاط الكتاب فعلا بظاهرة/عادة تناول/إدمان المغاربة للشاي، من مختلف جوانبها الثقافية والسياسية والاجتماعية وكذا الاقتصادية.
    وختاما أود سرد بيت شعري حول الشاي بالجنوب للحاج إبراهيم ريس بن علي وهو فقيه بمدرسة إيكضي بناحية أنزي إقليم تيزنيت يرد فيها على القائل:
    علي شراء الزيت في كل جمعة ولولاه ما قڷت لدي الدراهم
    ليرد عله الحاج إبراهيم قائلا:
    ولو كنت في عصر الأتاي وذقته لبيعت بطيب النفس منك السلاهم
    ونود الإشارة كذلك إلى قصيدة رائعة ومطولة حول الأتاي نظمها الشيخ سيدي حماد بن لحسن البناوي، فقيه مدرسة إغشان وهو تلميذ الشيخ الطاهر الإفراني رحمهما الله، حيث أوردها في كتابه سر الصباح.


    ناس الغيوان الصينية
    المصدر: الحوار المُتمدن
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    1 comments:

    Item Reviewed: من الشاي إلى الأتاي العادة والتاريخ Rating: 5 Reviewed By: @HosQuijote_الكيخوتي
    إلى الأعلى