• اخر الاخبار

    فرشاة الاسنان

       جياكوماتي، الانسان الماشي ، منحوته من البرنز 1960  

      
    من المفزع وانت في اكثر لحظات يومك رتابة و روتينية الى درجة انك تترك عقلك يغفو فيها في اللاتفكير ان يتجسد لك جليا مشهد اقرب للسريالية منه الى الواقعية.

    من المفزع انه في تلك الغفوة البسيطة التى لن تتعدى بعض الثواني ان ترى جليا حقيقة لم تستطع ان تدركها وانت تحاول جاهدا الوصول اليها خلال ساعات طويلة ومؤرقة من البحث والتفكير والتساؤل والشك والحيرة والقراءة والمقارنة والتحليل وووو...

    من المفزع ان تدرك في تلك الثواني ان من من شقوا عصا الطاعة للظلم والاستبداد واضاؤوا اولى الزوايا المظلمة لكل روح في هذا البلد قد تركوا في عتمة النسيان.
    من المفزع ان يتحول من مازال يحمل في جسده غبار اولى حجرات سقوط التماثيل الى جماد مجمد من من كان يهاب ذاك الصنم.
    من المفزع ان تعي الا احد ممن تراهم اليوم يتحدثون عن هذا الفتح العظيم كنت تراهم او تسمع عنهم حين كان الفتح مجرد فوضى على حد تعبيرهممن المفزع انه بعد ان سمعنا تهليلا وتكبيرا بنتائج الفوضى ان يغيب من جعلها فتحا الى ما لااعلمه ولا يعلمه كثيرون مثلي
    من المفزع اكثر ان هؤلاء الفاتحين ينبذون مرة تلو الاخرى لانهم في كل مرة يتجرؤون على كل صنم جديد
    ومن المفزع، حتى انك لم يعد يفزعك هذا الفزع، ان تعي ان كل من قارب السلطة سواء مالكا او محاربا لمالكها الجديد، وفي محاولة كليهما اما حجزها ابديا او افتكاكها ابديا، ان ترى هؤلاء يستجدون عطف ورضا وصوت قطيع كبير من شعبهم لم يؤمنوا يوما واكاد اجزم بانهم لم ولن يفكروا يوما بالخروج من كهوف الظلمات الباردة الى نور الحياة.
     فذلك كان سيكلفهم ان ينزعوا عنهم اكواما من الخرق اصطنعوها لتحميهم من برد الكهوف،
     كان سيكلفهم ان تحترق اعينهم الباهتة من اولى خيوط النور،
     كان سيكلفهم ان ترتعش اجسادهم من لفح الشمس التى ستلامسها لاول مرة،
     كان سيكلفهم ان تصرخ عقولهم المتجمدة نمطية.
    لكنهم لم يقدروا ويبدو انهم ليسوا بعد مستعدين لدفع هذا الثمن حتى تنعم اجسادهم بذلك الدفء دون تكبيل الخرق ، وان تبصر اعينهم كل تلك التفاصيل الجميلة التي ترسمها اطياف من الالوان المنعدمة في الظلال، او ان تنتشى عقولهم من دغدغات تفتت القوالب لتفسح الفضاء لحرية الفكر والفعل.
    وبنفس الفزع ترى يقينا بانه كتب على من ارادوا كسر الكهف ان تكسرهم القطعان التى تسكنها مرات عديدة بالرجم اوالنسيان، وربما مرة اخيرة دوسا تحت اقدامها عندما ستجرؤ على هجر سجنها.
    ان تعي كل هذا واشياء اخرى لم يستطع عقلك النائم ان يحتفظ بها ربما حفاظا على سلامتكما من كل هذا الفزع، لتستفيق من ذلك المشهد المتوهج وتعود لتنغمس بكل برود في تنظيف اسنانك كم تفعل كل يوم كما ينصح به جميع اطباء الكهوف.
    (خنيفسة دنيفسة، كهف تونس)
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    Enregistrer un commentaire

    Item Reviewed: فرشاة الاسنان Rating: 5 Reviewed By: @HosQuijote_الكيخوتي
    إلى الأعلى