• اخر الاخبار

    خطاب شكري بلعيد إلى أعداء الذكاء التونسي...إلى كهنة القرون الوسطى

    شكري بلعيد
    الجماعة هذوما يشتركوا مع بن علي في خاصية أساسية، الزوز هوما أعداء للذكاء التونسي، ما يحبوش الذكاء التونسي، يحبوا التسطيح و تعميم الجهل. أثنين اللي تم اليوم و اللي تم في علاقة بنسمة ما ينفصلش على معارك جوهرية، هو مواصلة لصراع تاريخي، ما يختلفش علي تعرضلُو أبو القاسم الشابي في الخيال الشعري عند العرب، ما يختلفش على الصراع اللي تخاض ضد طه حسين من طرف نفس الجماعات في الشعر الجاهلي و مُستقبل الثقافة في مصر، ما يختلفش في معركتهم ضد الطاهر الحداد، ما يختلفش في معركتهم مع الحلاج، اللي قال:"أنا الحق و الحقُ أنا...نحن روحين حللنا جسدا، فإذا أبصرتهُ أبصرتني..."، ما يختلفش في جوهر الصراع عندما شوي و قٌلي أبن المُقفع، ما يختلفش على محنة المُعتزلة في بغداد على يد جدودهم السلفيين الحنابلة.

     إذن هو تاريخ كبير، اليوم نحنا في مُفترق طُرق في تونس المسار الثوري، المسار الثوري هذاية و أنت حكيتلي على 14 جانفي، المسار الثوري اللي كانوا غايبين فيه، ما حضروش فيه. و أنا اليوم حزين كمحامي لأن اللي حبوا يعتديوا عليا اليوم و حبوا يعتديوا على المحاميين، و أنا خرجت في حماية زملائي و الأمن يتفرج، أمن السيد علي العريض يتفرج، و أنا سأقاضيه علي العريض، فيهم شكون رافعت عليهم، و دافعت عليهم وقت ما كانش عندهم إسلاميين يدافعوا عليهم، و استُهدفت من طرف أمن بن علي لأني رافعت على هؤلاء و طرحت قضية التعذيب أنا و جملة من الزملاء، و كُنا قلة قليلة نطرحوا الحوايج هذية في المحامات التونسية. 

     اليوم يشحنون لأنهم أعداء الذكاء، اللي صار اليوم مُخطر لأنوا 14 جانفي حُرية، كرامة، ما نجموش فمة حُرية بدون قيمة مركزية داخلتها، القيمة المركزية اللي داخلها هو تعددنا و تنوعنا على أساس حُرية الفكر، حرية التعبير، حُرية الضمير و المُعتقد، حرية...،و هذي مسألة هامة الوصول إلى المعلومة، حرية البحث الأكاديمي، الحرية الأكاديمية، و قبل ذلك و بعد ذلك حرية الإبداع، لأنو أنسى نسمة، هذا فيلم، الفيلم ما فمى حتى قاضي على وجه الأرض عندو القابلية و الأهلية لتقييم قصيدة أو مسرحية أو غناية أو فيلم، الإبداع يُقوم و يُقيم من طرف أهل الاختصاص نقديًا، موش في المحاكم. 

     الناس هذوما وقت اليوم يحبوا يمارسوا رقابة، يحبوا يدخلونا في طور الحسبة و ما أدراك ما الحسبة، كيف مصر، يحبوا يرجعوا بتونس اللي محكومة بمنظومة قانونية وضعية عمرها أكثر من مئة سنة. خا نذكرهم ميسالش، راهي البلاد هذي جابت محمد بن عرفة الورغمي اللي عندو خمسمائة سنة حرم العبودية، قبل الأنقليز و الأمريكان و غيرهم، راهي البلاد هذية فيها أول دستور وضعي في كل الوطن العربي، راهي البلاد هذية عطاتنا أكبر حركة تحرير و تنوير، دُونت في مدونة عظيمة للإمام العلامة محمد الطاهر بن عاشور، راهي البلاد هذية عطاتنا الشيخ جعيط اللي عمل مجلة الأحوال الشخصية، اللي هو زيتوني، البلاد هذية عطاتنا نص مؤسس في ثقافتنا المعاصرة، اللي هو الخيال الشعري عند العرب و اللي ضرب الكثير من السواكم، هذية اللي عطاتنا الطاهر الحداد، هذية اللي عطاتنا هذا الزخم. 

     إذن هو صراع بين توجهين في تاريخنا يتواصل الآن، قوة تشد للوراء، مع الموت، مع ثقافة الموت و القتل و العُنف و إلغاء الآخر، و اللون الواحد، و الرأي الواحد و الحاكم الواحد، و القراءة الواحدة للنص المُقدس- و اللي يولي فيها المحاماة حرام ساعتها- و بين أنو نحنا بشر، بمجالنا النسبي. و تونس حديقة فيها مئة وردة، بمائة لون، نختلفُو، نتعدُو، داخل إطار مدني- سلمي- ديمقراطي، نختلفُو، نتعدُو. لأني أنا كُنت معاهم لو جاوا لهنا و عملوا بيان ضد نسمة، حقهم، لو وزعوا بيان في شارع الحبيب بورقيبة، حقهم، لو كتبوا مقال، حقهم، لو عملوا مظاهرة سلمية، حقهم، حقهم في الاختلاف، لأنُو ما نجموش نكونُو كيفهم، أما إنوا يعتديوا على الناس، و يجيبوا واحد عمرو خمستاش سنة اليوم جايبينوا أمام المحكمة، طفل مُراهق، مبطلينوا من مدرسةُ و جايبينوا باش يعتدي على نخبة البلاد و يكفر و يحلل، هذاي هو بالضبط كهنة القرون الوسطى. 

     على هذاكة المسألة تتجاوز عنف محدود و رمزية العنف، ضد شكون؟ ضد صحافي، لأن اللي تم اليوم هو امتحان للإعلام التونسي، لأن ما فماش ديمقراطية بدون إعلام تعدُدي ديمقراطي، حُر، يمارس الرقابة الشعبية المباشرة على الكُل، أش معناها على الكُل؟ الحاكم، المؤسسات، الأحزاب، الجمعيات، الأفراد، الثقافة، السائد. أثنين، استهدفوا الحقوقيين و أساسًا المحاميين اللي كانوا الصوت الأعلى ضد بن علي، ضد الديكتاتورية. ثلاثة، ضد الجامعيين، لأنهم يحبوا يضربوا مُخ تونس اللي هي الجامعة التونسية، منوبة و ما أدراك ما منوبة، هاك الكلية القلعة، اللي عطاتنا كوكبة من خيرت إطارات و كوادر بلادنا، اللي هومة ثروة لا تُقدر بثمن. خمسة ضربوا المؤسسة التربوية، لأنها الجهاز العصبي متع المجتمع، يحبوا يشلوه. سته، ضربوا المُبدعين شبيكم نسيتوا أنتُم النوري بوزيد اللي وقع الاعتداء عليه؟ شبيكم نسيتوا كمال الزغباني؟...

     إذن موش قلتلكم من الأول راهم أعداء الذكاء يحبوا تونس ماهيش ذكية، البلاد هذية ما عندهاش رصيد، عندنا كان رصيد واحد هو ذكائنا، لا عندنا بترول و من ألطاف الله علينا أنو ما عندناش الريع النفطي اللي أدى بينا للجهل المُعمم في الخليج، البلاد هذية عندها ذكاء أبنائها، رصيدهم. عندنا المُشترك اللي بنيناه مع بعضنا، تعايشنا مع بعضنا، و بنينا مع بعضنا، و تقابلنا مع بعضنا و اختلفنا مع بعضنا. 

     العنف في كل مُؤسساتنا أرتبط بهؤلاء و بحكم الاستبداد، لذلك أنا نحمل المسؤولية، وقت السيد رئيس الحكومة يقول والله نعتذر، لا سيدي...لا، لا ما تعتذرش لشخص فقط، مايشي هذي بركة، فينوا واجبك؟ فينوا دورك؟ شنوة زلات اللسان كُثرت و الاعتذارات كثرت، نحن إزاء مؤسسات أو إزاء حكم فردي؟ السيد حمادي الجبالي عليك مسؤولية أمنية بالأساس، أنت و وزيرك اللي اليوم ما تحركش الأمن لما يزيد على ثلاثة ساعات، أُحملهُ المسؤولية و سُنقاضيه و نعتبرهُ شريكًا لما يتعرضولوا التوانسة اليوم...
    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    Enregistrer un commentaire

    Item Reviewed: خطاب شكري بلعيد إلى أعداء الذكاء التونسي...إلى كهنة القرون الوسطى Rating: 5 Reviewed By: @HosQuijote_الكيخوتي
    إلى الأعلى